فصل: تفسير الآيات (1- 10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (11- 22):

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)}.
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين أن {لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} بخلاف ما أعد لأعدائه من الحريق والجحيم؛ ولهذا قال: {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}
ثم قال: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} أي: إن بطشه وانتقامه من أعدائه الذين كَذَّبوا رسله وخالفوا أمره، لشديد عظيم قوي؛ فإنه تعالى ذو القوة المتين، الذي ما شاء كان كما يشاء في مثل لمح البصر، أو هو أقرب؛ ولهذا قال: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد} أي: من قوته وقدرته التامة يبدئ الخلق ثم يعيده كما بدأه، بلا ممانع ولا مدافع. {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود} أي: يغفر ذنب من تاب إليه وخَضَع لديه، ولو كان الذنب من أي شيء كان.
والودود- قال ابن عباس وغيره-: هو الحبيب، {ذُو الْعَرْشِ} أي: صاحب العرش المعظم العالي على جميع الخلائق.
و{الْمَجِيدُ} فيه قراءتان: الرفع على أنه صفة للرب، عز وجل. والجر على أنه صفة للعرش، وكلاهما معنى صحيح.
{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} أي: مهما أراد فعله، لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل؛ لعظمته وقهره وحكمته وعدله، كما روينا عن أبي بكر الصديق أنه قيل له- وهو في مرض الموت-: هل نظر إليك الطبيب؟ قال: نعم. قالوا: فما قال لك؟ قال: قال لي: إني فعال لما أريد.
وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} أي: هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس، وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد؟.
وهذا تقرير لقوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} أي: إذا أخذ الظالم أخذه أخذًا أليمًا شديدا، أخذ عزيز مقتدر.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِيّ، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ} فقام يسمع فقال: «نعم، قد جاءني».
وقوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ} أي: هم في شك وريب وكفر وعناد، {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} أي: هو قادر عليهم، قاهر لا يفوتونه ولا يعجزونه، {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} أي: عظيم كريم، {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} أي: هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل.
قال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا قُرَّة بن سليمان، حدثنا حرب بن سُرَيج حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك في قوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} في جبهة إسرافيل.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثنا معاوية بن صالح: أن أبا الأعْيَس- هو عبد الرحمن بن سَلْمَان- قال: ما من شيء قضى الله- القرآن فما قبله وما بعده- إلا وهو في اللوح المحفوظ. واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل، لا يؤذن له بالنظر فيه.
وقال الحسن البصري: إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوح محفوظ، ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه.
وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر أخبرني مقاتل وابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إنه في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده، دينه الإسلام، ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله، أدخله الجنة. قال: واللوح لوح من درة بيضاء، طوله ما بين السماء والأرض، وعرضه ما بين المشرق والمغرب، وحافتاه الدر والياقوت، ودفتاه ياقوتة حمراء، وقلمه نور، وكلامه معقود بالعرش، وأصله في حجر ملك.
قال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش.
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا زياد بن عبد الله، عن ليث، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق لوحًا محفوظًا من دُرَّة بيضاء، صفحاتها من ياقوتة حمراء، قَلَمه نور وكتابه نور، لله فيه كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة، يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويُعِزُّ ويُذِلُّ، ويفعل ما يشاء».
آخر تفسير سورة البروج ولله الحمد.

.سورة الطارق:

وهي مكية.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن محمد- قال: عبد الله وسمعته أنا منه- حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عبد الرحمن ابن خالد بن أبي جَبل العُدْواني، عن أبيه: أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مُشرّق ثَقيف وهو قائم على قوس- أو: عصا- حين أتاهم يبتغي عندهم النصر، فسمعته يقول: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} حتى ختمها- قال: فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك، ثم قرأتها في الإسلام- قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه.
وقال النسائي: حدثنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو نعيم، عن مسْعَر، عن محارب بن دِثَار، عن جابر قال: صلى معاذ المغرب، فقرأ البقرة والنساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفتان يا معاذ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا؟».
بسم الله الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 10):

{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10)}
يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة؛ ولهذا قال: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} ثم قال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} ثم فسره بقوله: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ}
قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا أي: يأتيهم فجأة بالليل.
وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: «إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن».
وقوله: {الثَّاقِبُ} قال ابن عباس: المضيء.
وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها.
وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان.
وقوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الآية [الرعد: 11].
وقوله: {فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خُلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد؛ لأن من قدر على البَدَاءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27].
وقوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، عز وجل؛ ولهذا قال: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} يعني: صلب الرجل وترائب المرأة، وهو صدرها.
قال شبيب بن بشر، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} صلب الرجل وترائب المرأة، أصفر رقيق، لا يكون الولد إلا منهما.
وكذا قال سعيد بن جُبَير، وعكرمة، وقتادة والسُّدِّي، وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مِسْعَر: سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} قال: هذه الترائب. ووضع يده على صدره.
وقال الضحاك وعطية، عن ابن عباس: تَريبة المرأة موضُع القلادة.
وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جُبَير.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الترائب: بين ثدييها.
وعن مجاهد: الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر. وعنه أيضا: الترائب أسفل من التراقي.
وقال سفيان الثوري: فوق الثديين.
وعن سعيد بن جُبَير: الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل.
وعن الضحاك: الترائب بين الثديين والرجلين والعينين.
وقال الليث بن سعد عن مَعْمَر بن أبي حبيبة المدني: أنه بلغه في قول الله عز وجل: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} قال: هو عصارة القلب، من هناك يكون الولد.
وعن قتادة: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} من بين صلبه ونحره.
وقوله: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} فيه قولان:
أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد، وعكرمة، وغيرهما.
والقول الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي: إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر؛ لأن من قدر على البدء قدر على الإعادة.
وقد ذكر الله، عز وجل، هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع، وهذا القول قال به الضحاك، واختاره ابن جرير، ولهذا قال: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} أي: يوم القيامة تبلى فيه السرائر، أي: تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا. وقد ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال: هذه غَدْرَةُ فلان بن فلان».
وقوله: {فَمَا لَهُ} أي: الإنسان يوم القيامة {مِنْ قُوَّةٍ} أي: في نفسه {وَلا نَاصِرٍ} أي: من خارج منه، أي: لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله، ولا يستطيع له أحد ذلك.

.تفسير الآيات (11- 17):

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)}
قال ابن عباس: الرجع: المطر. وعنه: هو السحاب فيه المطر. وعنه: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} تمطر ثم تمطر.
وقال قتادة: ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم.
وقال ابن زيد: ترجع نجومها وشمسها وقمرها، يأتين من هاهنا.
{وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} قال ابن عباس: هو انصداعها عن النبات.
وكذا قال سعيد بن جُبَير وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسدي، وغير واحد.
وقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} قال ابن عباس: حق.
وكذا قال قتادة.
وقال آخر: حكم عدل.
{وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} أي: بل هو حق جد.
ثم أخبر عن الكافرين بأنهم يكذبون به ويصدون عن سبيله، فقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} أي: يمكرون بالناس في دعوتهم إلى خلاف القرآن.
ثم قال: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} أي: أنظرهم ولا تستعجل لهم، {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} أي: قليلا. أي: وترى ماذا أحل بهم من العذاب والنكال والعقوبة والهلاك، كما قال: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لقمان: 24].
آخر تفسير سورة الطارق ولله الحمد.

.سورة الأعلى:

وهي مكية.
والدليل على ذلك ما رواه البخاري: حدثنا عبدان: أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن. ثم جاء عمار وبلال وسعد. ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين. ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} في سور مثلها.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا إسرائيل، عن ثُوَيْر بن أبي فاختَةَ، عن أبيه، عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} تفرد به أحمد.
وثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: «هلا صَلّيت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى».
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا.
هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث. وقد رواه مسلم- في صحيحه- وأبو داود والترمذي والنسائي، من حديث أبو عَوَانة وجرير وشعبة، ثلاثتهم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير، به قال الترمذي: وكذا رواه الثوري ومسعر، عن إبراهيم- قال: ورواه سفيان بن عيينة عن إبراهيم- عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن أبيه، عن النعمان. ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه.
وقد رواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح، عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن المنتشر، عن أبيه عن حبيب بن سالم، عن النعمان به كما رواه الجماعة، والله أعلم.
ولفظ مسلم وأهل السنن: كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أبْزَى، وعائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}- زادت عائشة: والمعوذتين.
وهكذا رُوي هذا الحديث- من طريق- جابر وأبي أمامة صُدَيّ بن عجلان، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم